الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

عن تأثير الحضارة الأمازيغية في الحضارات المتوسطية ...



لم يقتصر تأثير الحضارة الأمازيغية القديمة على الشرق فقط بل كان هناك تأثير في اتجاه الشمال أيضا قبل نشوء الحضارة الإغريقية والرومانية، ورغم قلة المصادر في هذا المجال إلا إننا نستطيع إيجاد نصوص لدى الكتاب الإغريق القدامى تشير إلى أسبقية المغرب إلى الحضارة عن بلدانهم وتأثرهم بالأمازيغ خصوصا في مجال الميتولوجيا أي الفكر الديني القديم، والمعلوم أن الميتولوجيا الإغريقية تعتبر أساس الحضارة الأوربية فقد تفرعت عنها مختلف العلوم كالفلسفة وعلم الفلك والطب وغير ذلك، ومن الشهادات الدالة على الجذور الأمازيغية للميثولوجيا الإغريقية نورد مجموعة من النصوص أهمها ما كتبه ديـودور الصقلـي حيث قال: « إن الأطلسيين رعايا الإله أطلس، هم أكثر الليبيين حضارة في هذه النواحي، فهم يمتلكون أرضا مزدهرة، ومدنا كثيرة، ويحكى أن الآلهة ولدت في مدنهم بالمناطق القريبة من المحيط، وهذا يتوافق مع ما ورد في الأساطير الإغريقية… إلى أن يقول فهم يتميزون عن جيرانهم بإيمانهم القوي وبمعاملة حسنة مع الأجانب»، كما أن الشاعر المنشد هوميروس صاحب ملحمتي الإلياذة والأوديسة عبر عن شوقـه لزيـارة أرض المغـرب في أنشـودة له يقــول فيهـا: « سأذهب فعلا لأزور حدود الأرض الخصبة، قرب المحيط حيث ولدت تتوس الإلهة». وقد كان الإغريق يعتبرون آلهتهم أبناء آلهة الأمازيغ، وأنها ولدت في المغرب، وأن بعضها قد ظهرت في المغرب قبل أن يتعرفوا عليها، فهيرودتس ذكر أن الليبيين هم الذين انفردوا بتقديس الإله بوسيدون منذ قديم الزمان، وإليهم يرجع الفضل في معرفة الإغريق لهذا الإله، ويضيف أن الإلهة أثينة ليبية وأنها إبنة بوسيدون، هذا وقد ذكر ديودور الصقلي قي حديثه عن بنات الأطلس أنهن بزواجهن بالآلهة والأبطال تكون الجنس البشري، فمايا تزوجت بزيوس فأنجبت هرميس صاحب اختراعات نافعة للناس، بينما أنجبت بقية الأطلسيات أبناء اشتهر بعضهم ببناء المدن وآخرون بتكوين عدة أمم. وقد ذكر ديودور وكذلك أنه ورد في قصص الليبيين أن ديونسوس ابنا لأمون وأمالتي، وعن زيوس قال إن كرونوس أخ الإله أطلس كان يتصف بالغدر وعدم الاستقامة، ويحكى أنه تزوج أخته ريا فأنجب زيوس الذي عرف فيما بعد بالأولمبي، فكل هذه الحكايات رغم طابعها الأسطوري إلا أنها لا تقل أهمية، فما كان الإغريق والرومان القدامى ليعتقدوا كل هذا الأطلسيون لو لم تكن ذاكرتهم الجماعية تحمل فكرة تفوق الأطلسيون حضاريا وأسبقيتهم إلى الفكر الديني الذي كان يتبناه الإغريق آنذاك، وبل وكذلك بعض العلوم كعلم الفلك، حيث يذكرون أن أطلس أكرم هرقل بتلقينه مبادئ في علم الفلك، والمعلوم أن أطلس نبغ في هذا العلم، وقد صنع بمهارة كوكبا سماويا، خاصة وأنه كان يحمل قبة السماء على كتفيه، كما يذكر ديودور أن الأطلسيون يعتقدون أن أورانوس هو أول من حكم بلادهم، وقد فتح كل البلاد المسكونة خاصة في الغرب والشمال، وكان يتأمل النجوم ويبشر بالأحداث التي ستجري في الكون، وعلم قومه حساب السنة تبعا لحركة الشمس، وحساب الشهور اعتمادا على حركة القمر، وعلمهم كذلك دورة فصول السنة، وهكذا فإن جهل الناس للنظام الأبدي للنجوم، وتأكدهم من صفة تنبؤات أورانوس بالمستقبل، كل ذلك جعلهم يتخذونه إلها. والواقع أن الأمازيغ هم أول من وضع التقويم الزمني وحساب الشهور إذ بدأوا بتقويم لا زال معروفا إلى الآن ويسمى في المغرب بالتقويم الفلاحي، بدأ سنة 950 ق.م. عندما احتل الأمازيغ مصر بزعامة شيشونق ومنهم أخذه الإغريق والرومان وطبقوه على التقويم الميلادي بعد اعتناقهم المسيحية بل ونقلوا حتى أسماء بعض الشهور من الأمازيغ حرفيا ( يناير) ومطلع السنة الأمازيغية الذي يوافق يوم 13 يناير، لا زالت تخلده بعض المناطق في اليونان وأوربا الشرقية بل وهناك بعض المناطق يطلقون عليه نفس الإسم الذي يطلق عليه في المغرب وهو حاڭوز، لقد صاحب هذا التأثير الحضاري الأمازيغي في اتجاه اليونان توسع سياسي حقيقي تمثل في ما ذكره ديودور الصقلي أن جزيرة كريت خضعت لأقارب أطلس ابتداء من عمه زيوس الأكبر أخ أورانوس الذي يعد أول ملوك الأطلسيين، ومدفنه كان معروفا بالجزيرة في العصر الذي عاش فيه ديودور أي القرن الأول ق.م، ثم خضعت الجزيرة لحكم أمون ملك الليبيين ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق