الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

رقصة العبيد ,, أحواش اسمكان




رقصة أحواش إﻳﺳْﻣْﮕان
رقصة أحواش ...سوس نموذجا ..

ترجع جذور فن ّرقصة إﻳﺳْﻣْﮝانْ إلى حقب غابرة في التّاريخ المغربي و إﻳﺳْﻣْﮝانْ يقابله في العربية العبيد وتفرّد على إﻳﺳْﻣْﮝ ْ وفي الأطلس الكبير والمتوسّط يقال إيسْمْخانْ ويفرّد على إيسْمْخْ ، وقد أرجع هذه التّسمية إلى لون أصحابها وهم سود البشر حيث أنّ كلمة أﺳْﮝــّانْ حاليا في طاطا تعني السّواد أوالأسود وقد يكون العكس هو الصّحيح وفي الأطلسين يقال أبْخــّانْ للّون الأسود . للإشارة إلى بعض مسمّيات هذا العنصر لتمييزه لونا عن الجنس الأبيض و هذا ليس عنصرية بالمعنى القدحي للكلمة ففي طاطا يسمّى الأسود بِ أسُوقّـِيْ ، وفي مناطق واحات درعة يسمّى الحـْرْطاني وفي الوسط وشمال المغرب يسمّى الدّ ْراوي نسبة إلى واد درعة.. أمّاتاريخيّا وباختصار شديد ، هناك تضارب حول ظروف تواجد العنصر الزّنجي بالمغرب الأقصى وخاصّة في جنوبه ؛ فبعض المؤرّخين ربطه بعوامل الإحتكاك الطبيعي منذ عصور غابرة بين إفريقيا السّوداء وشمالها عبر الأراضي الصّحراوية الشّاسعة والمفتوحة ، عن طريق التّبادل التّجاري ، فاستقرّ بعض الأفارقة في واحات درعة وسفوح جبال الأطلس الشّرقية والجنوبية ، فتناسلوا وتكاثروا حتّى أصبحوا جزءا لا يتجزّأ من ساكنة المغرب . وبعضهم أرجع هذا التّواجد إلى تاريخ قريب وبالضبط أثناء حكم السّعديين للمغرب وخاصة فترة حكم أحمد المنصور الذّهبي ، والّذي اشتهر باستقدامه الآلاف من السّود من السّنغال والسّودان حيث تمتدّ نفود مملكته آنذاك فاستعملهم في الجيش وتثبيت أركان دولته وبعد وفاته تفرّقوا في محيط تواجدهم وارتبطوا بالأرض بشكل من الأشكال . وأياّ كانت المصادر فإنّ الزّنوج في المغرب لهم تاريخ عريق وليس تواجدهم كلّه مرتبط بالإستعباد وإن كان الأمر يبدو للكثيرين كذلك . إلاّ أنّ الكثيرين منهم أو السّواد منهم أمازيغ ذوو ثقافة أمازيغيّة أصيلة . ورقصة إسمكان في طاطا تشبه تماما رقصة أحواش إلاّ أنّ إستثناءات يجب ذكرها هنا ؛ فرقصة إسمكان كانت رقصة خاصّة بأولئك الذّين كانوا عبيدا أومازالوا يروّحون بها عن أنفسهم في لحظة يسمح لهم فيها سادتهم البيض بالتّعبير عن خلجات أنفسهم ؛ وقد استمرّت هذه الرّقصة حتّى العقود الأخيرة من القرن الماضي وحتّى بعد أن أصبحوا أحرارا ؛ لكن الآن ربّما فقدت هذه الرّقصة بعض مظاهرها المتميّزة وهذا أكيد ، ذلك أنّ التّعبير تحت ظروف الإستعباد وطريقة تثقيفه لغويا وشعريا وتجسيده حتّى من خلال الرّقصة قد لا يكون هو نفسه في ظلال الحرّية ؛ وهذا طبعا إذا اعتبرنا أنّ الفنّ هو تجسيد لواقع الفنان الوجداني..فالحلقة في رقصة إﻳﺳْﻣْﮝانْ تتكوّن من منشدين وعازفين غير أنّه خلافا لما في أحواش الدّرست ، ليس لازما أن يوجد شعراء محترفين ، فيترك اختيار قصيدة مغناة من أرشيف الذّاكرة الإﻳﺳْﻣْﮝانيـّة لرجل منهم كبير في السّن وعندما يلقيها منفردا يتلقّف نصف المنشدين شطرا أو شطرين يتناوبها مع النّصف الآخر من الحلقة ؛ وقد يشاركهم الرّقصة النّساء زوجات هؤلاء في زيّهنّ العادي وهو لحاف أسود مع قطعة من كتان أسود يغطّى بها الرّأس دون الوجه مشكّـّلات نصف دائرة على الأرجح أو أقرب إلى ذلك ، ويشاركن في ردّ الإنشاد مع الرّجال ، ويستحبّ إن أمكن ذلك أن لا يشاركهم البيض ؛ وهؤلاء طبعا يقدّرون ذلك ويعلمون أنّه إنّما يدخل في طقوس هذه الرّقصة ليس إلاّ . ويكتفي البيض بأخذ أماكنهم بين الجمهور المتفرّج . وقد إختفى هذا الطّقس وأصبح من الماضي فالجميع يشاركون في رقصة واحدة دون تمييز. أمّا العزف فبالدّفوف وطبلين أوأكثر خلافا لأحواش مع قطعتين حديديّتين تستعمل باليدين لإضافة إيقاع وصوت رقيق إلى إيقاع الطّبول والدّفوف ؛ والرّئيس المنظّم لإيقاع للرّقصة هو من يسيّر العازفين والمنشدين لوحده . وخاصية أخرى تتميّز به هذه الرّقصة عن رقصة أحواش أنّ العزف وما يصاحبه من حركات جسديّة تبدأ كتمايل السّنابل يمنة ويسرة في إيقاع هادئ وجذّاب حتّى نهايته ودون أن يتوّج في مراحل معيّنة بالرّفع من إيقاعه ، يذكّرنا برقصات دول إفريقيا السّوداء. أما الشّعر فله خصوصيّاته كذلك : الأولى أنّه غير مرتجل ويستحب ّفيه ذلك ؛ والثّانية أنّ مضامينه لا تخرج إطلاقا عمّا هو ديني كالأمداح النّبوية والتّوسّلات الصّوفية وذكر بعض الأخلاق النّبيلة لعبيد قدامى ؛ وهذا ما يفسّر حتما قلّة الزّغاريد أو إنعدامها والّتي تطلق عادة في رقصة أحواش من طرف النّساء أو الفتيات الحاضرات ضمن المتفرّجين . ومن أشعار إيسمكان :

أ --- أليلا هايل الله محمّد أرسولي ـــــــــ لاإله إلاّ الله محمّد هو الرّسول
تعاد هذه الازمة مرتين أوأكثر قبل أن تضاف لها شطور أخرى تناسب مضمونها ولا تحيد عنه ...
ب --- أبيدانخ آربّي غ ءونرار الحساب
اللّهم كن بجانبنا يوم الحساب
أوروكان ﮔيس بلا ليلا ها يلو الله
المكان الوحيد الّذي لايقبل فيه إلا :لا إله إلاّ الله ... /

منقول من كتاب : " أوسّان رغانين باهرا - أوسّان نايت أوفرا "
تأليف بلقاسم إدير ... { لم يطبع بعد ..}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق