السبت، 19 أكتوبر 2019

محمد أسوس والميتولوجيا الأمازيغية


بقلم: محمد أرجدال
"دراسات في الفكر الميثي الأمازيغي" هو عنوان الكتاب القيم الذي ألفه الأستاذ محمد أسوس حول الميتولوجيا الأمازيغية، والذي نشر سنة 2007 بالرباط ضمن منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ويتألف من 199 صفحة من الحجم المتوسط. والكتاب قيم لتناوله لموضوع شائك وهو موضوع الأساطير أو الميثات الأمازيغية، إذ أنه جمع ما تبقى من نصوص هذه الميثولوجيا الأمازيغية والتي ستكون معرضة للضياع كغيرها من مظاهر الأدب الشفهي الأمازيغي.
فماهو الميث ؟le mythe :
الميث هو رواية لحدث جرى في الزمن ألبدئي، يحكي كيف جاءت حقيقة ما إلى الوجود، لا فرق بين أن تكون هذه الحقيقة كلية كالكون مثلا أو جزئية كأن تكون حيوانا أو نوعا من النبات أو مسلكا يسلكه الإنسان أو مؤسسة... إذن الميث هو دائما سرد لحكاية خلق، تحكي كيف كان إنتاج شيء ما، كيف بدأ وجوده، كيف وصلنا إلى الوضع الحالي في العالم (لماذا ابتعدت السماء عن الأرض، الموت، الشقاء...) كما تبرر الطقوس وتفسر أوجه النشاط الاجتماعي وبدايات هذا النشاط (الغذاء، الزواج، العمل...) وتختلف عن الحكاية التي تكون عبارة عن حوادث عجيبة عن الأبطال في صراعهم مع قوى الشر(الغولات مثلا) دون أن تبرر شيئا أو تفسره ودون أن يعتقد بصحتها. فالميث حين نعرفه نعرف أصول الأشياء.
وقد آتت فكرة الاهتمام بالميتولوجيا الأمازيغية من طرف الأستاذ "محمد أسوس" لأن هذا المجال ظل بكرا ولم ينشغل به الباحثون والدارسون ولم يطله أي اهتمام حتى من طرف المستمزغين الذين اصدر بعضهم أحكاما تبخيسية في حق الأمازيغ تفيد بأنهم لم ينتجوا ميثولوجيا لقصور الخيال لديهم أو لعدم انشغالهم بفهم وتفسير العالم والظواهر من حولهم (h.basset نموذجا). كما أن دراسته لهذه النصوص الميثية تعكس تكشف للدارس عن رؤية المجتمع الأمازيغي للعالم وتشكل الأساس الأنتروبولوجي لمتخيلها، وتقدم له المفاتيح التي تمكن من فك رموزها وأنساقها الثقافية كما تمكنه من كشف ما استغلق أحيانا من الغاز وأمثال...
وقد اعتمد المؤلف أثناء جمعه لنصوص الميثولوجيا هذه على الرواية الشفهية بمناطق مختلفة ببلاد تامزغا وكذا على بيبلوغرافية مهمة من المراجع والتي احتلت ست صفحات من الكتاب، خمسة منها بالفرنسية وواحدة بالعربية وقد تناول الكتاب دراسة العديد من هذه الميثات مثل: ميت تاسليت اونزار وطقوس الاستمطار، وكذلك ميت من القول إلى النجوم أو وحدة المتخيل الأمازيغي، فدراسة ثلاثة ميثات أمازيغية عن أصل الحجر والقرد والدموع ثم تامغرا ووشن والفوضى الكونية وكذا الكسكس والبرنس كرمزين ثقافيين كما تحدث عن الكلام والمرأة في الميثولوجية الأمازيغية وكذا عن الجنسانية الجامحة من خلال ميث تاكمارت إيسمضال كما تناول بعض رموز طقوس الاجتياز من خلال ميث ايخس بواديف، كما أورد ميث عن أصل الثعبان ثم التصور الكوسمولوجي الأمازيغي للكون من خلال النسيج أزطا كما ختم كتابه بدراسة تحليلية عن الوعي بالذات في الفكر الميثي الأمازيغي.
والأستاذ محمد أسوس باحث وشاعر وأديب له العديد من المقالات والإبداعات القصصية والشعرية الأمازيغية بالعديد من الجرائد الوطنية كما اصدر مؤلفات منها معجم أمازيغي عربي فرنسي عن الحيوانات (أماوال نـ ئمودرن) ضمن منشورات مؤسسة تاوالت ومؤلف ixfawn d isassen
ويعتبر كذلك من المناضلين الأمازيغ داخل الحركة الأمازيغية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي والتي قدم لها الكثير.
ومن أمثلة الميثات الأمازيغية، ميث أصل الثعبان الذي سنورد نصه:
"أنجبت امرأة توأمين، أحدهما لا أيدي ولا أرجل له فحارت الأم في أمره بعد أن األفته في خرقة ثوب وعلقته في سارية البيت،فنصحتها جارتها بأن تسكب أمامه دلوا من الماء وتأمره بأن يسير كالماء، ففعلت فخرج من بالوعة البيت ليسكن منذ ذلك الحين في البناء الحجري المحاط بالبيت حيث صار ثعبانا وعدوا للإنسان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق